الموسيقى والغناء في الجزائر

بقلم ع.ف

تمثل الموسيقى والغناء فنا راقيا يعبر عما بلغته حضارة ما ويشكل خلاصة جملة من الفنون: الشعر والموسيقى والرقص. ويمثل نمطا من الوجود الرفيع في المجتمع.

تتوفر الجزائر على أنواع موسيقية وغنائية عديدة. منها التراثية ومنها العصرية وقد عرفت تطورا كبيرا في القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين. ومن العوامل التي ساعدت على تعدد الأنواع الموسيقية هو التنوع الثقافي والتحولات الثقافية عبر العصور. ولعل العامل الأول هو التفاعل بين أصناف التراث الموسيقي والغنائي  الأمازيغي المحلي الذي احتفظ بتميزه والتراث الموسيقي والغنائي العربي عبر التأثيرات الوافدة من الأندلس وتلك الوافدة من المشرق والأنواع الوافدة من إفريقيا وأخيرا أوروبا. والعامل الثاني هو التفاعل بين التقاليد البدوية والريفية والتقاليد الحضرية. والعامل الثالث هو العلاقة بين القديم والجديد. والعامل الرابع هو شساعة الأقاليم الجغرافية وتنوع البيئات الاجتماعية والثقافية التي نما فيها التراث الموسيقي والغنائي من بيئة شعبية وبيئة ثقافية ودينية تتميز بأنواع من السماع الصوفي وأشكال الحضرة.

ومن الأنواع الموسيقية التراثية المتميزة الفن الأندلسي بمدارسه المختلفة التي استوطنت  الحواضر الكبرى وحافظت على تقاليد المهاجرين من الأندلس: مدرسة “المالوف” في”قسنطينة والشرق الجزائري ومدرسة “الصنعة” بالعاصمة والوسط والمدرسة الغرناطية في تلمسان والغرب. وفي محيط هذه الحواضر يوجد الحوزي وبعض الطبوع البدوية.

وفي الغرب الجزائري خاصة يوجد الطابع البدوي المرتبط بالشعر الملحون وفيه تمايز بين منطقة وأخرى من حيث كيفيات الأداء والآلات المستعملة: منها الطبل والقصبة والجواق والآلات الوترية المختلفة مثل القنبري والسنيترة والوترة. وتوجد ألوان متميزو مثل احيدوس والصف وهي ألوان يمتزج فيها الغناء بالقول الشعري والرقص وأبرزها- رقصة هوبي. وإلى جانب ذلك توجد أشكال أخرى منها الصحراوي وفيه طبوع عديدة منها الغربي والآي آي. وفي السهوب تتنوع الفنون الموسيقية والغنائية مع تنوع اللغات والأنماط المعيشية. ففي “القصور” وهي قرى ذات طابع أمازيغي تسود اللغات الأمازيغية العديدة وإلى جانبها توجد موسيقة القرقابو وتقاليد القناوة ذات الأصول الإفريقية.  وإلى الشرق توجد أنواع موسيقية وغنائية متميزة مثل السرواي وتفرعات أخرى من المواويل ذات النفس الطويل خاصة في الشرق مثل الركروكي. وإلى جانبه توجد طبوع خفيفة ذات أصول أمازيغية شاوية مرتبطة بأنواع الحفلات والأعراس والمناسبات الاجتماعية والثقافية. وإلى الشمال توجد أنواع من الموسيقى والغناء القبائلي المتعدد الأغراض في الوسط. وفي المناطق الجبلية والمرتفات تحتفظ بعض المناطق بأشكال فنية أصيلة تضرب بجذورها إلى تقاليد قديمة.

وفي الجنوب الكبير توجد أشكال غنية منها الطبل” الشلالي” في منطقة توات وفي قورارة توجد تقاليد “أهاليل ” المصنفة تراثا عالميا وفي تندوف عاصمة الثقافة الحسانية بالجزائر توجد تقاليد أزوان التي يلتقي فيها الشعر والغناء والعزف في جلسات راقية. وإلى الشرق توجد تقاليد إيموهاغ الغنية بأنواعها وإيقاعاتها منها إمزاد الذي تعزفه النساء ويرافق الشعراء وتيندي الذي تختص به النساء. وغلى جانب ذلك توجد أنواع عديدة من الرقص أشهرها رقصة تيكوبا (رقصة السيف). لكن الفن لا يعرف حدا وافبداع لا يتوقف ولذلك تمازجت هذه الطبوع وتوالدت ومايزال المبدعون يقدمون ألوانا من الإبداع الفني الذي يتماشى مع الذوق وتطور الحياة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق